حق الأخت كحق أخيها في المعاملة الرحيمة ، والعطف الأبويِّ ؛ تحقيقاً لمبدأ العدالة : { إن الله يأمر بالعدل والإحسان } سورة النحل آية 90 .وقال تعالى : { اعدلوا هو أقربُ للتقوى } سورة المائدة آية 8 .
وفي حديث عن النعمان بن بشير – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( اعدلوا بين أبنائكم ، اعدلوا بين أبنائكم اعدلوا بين أبنائكم ))
ولولا أن العدل فريضةٌ لازمةٌ ، وأمر محكم ، لكان النساء أحق بالتفضيل والتكريم من الأبناء ، وذلك لما رواه ابن عباس مرفوعاً : (( سَوُّوا بين أولادكم في العطية ، فلو كنت مُفَضِّلاً أحداً لفضلتُ النساء ))
ولقد شنع القرآنُ على أصحاب العقائد المنحرفة الذين يبغضون الأنثى ، ويستنكفون عنها عند ولادتها ، فقال سبحانه : { وإذا بُشِّرَ أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء مابُشِّر به ، أيمسكهُ على هُونٍ أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون } .
وهاهو رسولُ الهدى صلى الله عليه وسلم ، يُعدّ من كبائر الذنوب تلك اليد التي تمتد للطفلة البريئة فتواريها في التراب بعد أن اغتالت عاطفة الأبوة الجياشة في ذاتِ مادّها .
يقول عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أيُّ الذنب أعظم ؟ قال : (( أن تجعل لله نداً وهو خلقك )) قلت : إن ذلك لعظيم ، ثم أيُّ ؟ قال : (( أن تقتل ولدك مخافة أن يَطْعَم معك ))
ويرغِّب صلى الله عليه وسلم في الإحسان إليهن ، فيقولُ : (( من كان له ثلاثُ بنات ، أو ثلاثُ أخواتٍ ، أو بنتان ، أو أختان ، فأحسن صحبتهن وصبر عليهن ، واتقى الله فيهن دخلَ الجنة ))
ولقد أثر هذا الأدب النبوي على أدباء الإسلام حتى كتبوا فيه صيغ التهنئة المشهورة ، حيث يهنيء الأديب من رزق بنتاً من أصحابه ، فيقول له كما في هذه القطعة الأدبية الجميلة للصاحب ابن عباد – وكان أديباً - :
أهلاً وسهلاً بعقيلة النساء ، وأم الإبناء ، وجالبة الأصهار ، والأولاد والأطهار ، والمبشرة بأخوةٍ يتناسقون ، ونجباء يتلاحقون .
فلو كان النســـاء كمن ذكــــرن .............. لفضلت النساء على الرجال
وما التأنيث لاسم الشمس عيب .............. وما التـذكير فخر للهـــــلال
والله تعالى يعرِّفُكَ البركة في مطلعها ، والسعادة بموقعها ، فأدَّرع اغتباطاً واستأنفْ نشاطاً ، فالدنيا مؤنثةٌ ، والرّجالُ يخدمونها ، والأرضُ مؤنثةٌ ، ومنها خلقت البرية ، ومنها كثرت الذرية ، والسماء مؤنثة وقد زُيِّنَت بالكواكب ، وحُلِّيَتْ بالنجم الثاقب ، والنفس مؤنثة وهو قِوامُ الأبدان ، وملاك الحيوان ، والجنةُ مؤنثةٌ ، وبها وُعِدَ المتقون ، وفيها ينعم المرسلون ، فهنيئاً لك بما أُوتيتِ ، وأوزعكِ الله شكر ما أُعطيتِ .